نمور الريف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نمور الريف

مرحبا بكم في منتديات نمور الريف
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 { :: التاريخ والوعي بالتاريخ :: }

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
cowboy
عضو(ة) نشيط(ة)
عضو(ة) نشيط(ة)
cowboy


عدد الرسائل : 90
تاريخ التسجيل : 15/07/2007

{ :: التاريخ والوعي بالتاريخ :: } Empty
مُساهمةموضوع: { :: التاريخ والوعي بالتاريخ :: }   { :: التاريخ والوعي بالتاريخ :: } Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 14, 2007 3:53 pm

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

أولا: التاريخ بين التاريخية والخطابية.
ليس الهدف من دراسة التاريخ مجرد معرفة الحوادث الماضية وتراكم المعلومات من الوثائق والحفائر والمخطوطات وأمهات المصادر الأولي. فذلك وقوع في النزعة التاريخية Historicism التي سادت الدراسات التاريخية في الغرب في القرن الماضي خاصة في ألمانيا وفرنسا. وهو أيضا وقوع في الرد التاريخي Historical Reductionism الذي نبهت عليه الدراسات التاريخية المعاصرة وحذرت منه. ويعني رصد الوقائع التاريخية، الواحدة تلو الأخري، دون معني أو دلالة أو قانون، وتغليب المكان علي الزمان، والانقطاع علي الاتصال. ويشبه ذلك أيضا "الحوليات" التي ترصد الحوادث عاما بعد عام دون رؤية لمسار التاريخ أو قصده أو غايته. وكذلك كتب "الطبقات" القديمة التي ترصد علماء كل طبقة وفقاءهها وصوفيّيها ومتكلميها وفلاسفتها ومحدثيها ومفسريها دون رؤية لصراع الأجيال أو مسار التاريخ أو تطور العلم أو بنائه. ليس التاريخ مجرد رصد وقائع كأننا في متحف للتاريخ بل هو قصد وعي جماعي يصب في الوعي الفردي. التاريخ هو جذر الوعي وأساسه. ليس مجرد تصوير لفيلم مضي في مناظر متعاقبة بل المهم هو المسار والقانون، وروح التاريخ.
لقد كانت النزعة التاريخية الوضعية في الغرب رد فعل علي النزعة المثالية التي مثلتها مفاهيم روح التاريخ، وروح العصر، وروح الشعب، التي تتحكم في مسار التاريخ علي نحو حتمي بحيث تصبح الإيرادات الحرة للأفراد والشعوب مجرد أدوات لتحقيق المصير التاريخي العام. كان أوجست كونت رد فعل علي هيجل ورؤيته للتاريخ، هذه النزعة التي تضحي بالدراسات التاريخية من أجل النسق الفكري، وتتنازل عن البحث العلمي من أجل البناء المذهبي. فيتوارى التحليل لصالح التركيب، والخاص لصالح العام، وتتحول دراسة التاريخ إلي فلسفة التاريخ، تعبر عن المذهب أكثر مما تعبر عن التاريخ.
ولا يعني ذلك في المقابل الوقوع في الخطابة السياسية أو الحماس الوطني أو الوعظ التاريخي باسم "الدرس المستفاد" أو "العبرة" كرد فعل علي الرد التاريخي. الخطابة ليست علما، والحماسة ليست تحليلا، والوطنية ليست ابتساراً للماضي أو انتقاء للحظات التاريخ خارج سياقها. إن الحماس للحاضر لا يعني مجرد إسقاطه علي الماضي والإشادة به. فالماضي ليس أنشودة يغنيها الحاضر بل هو مسار تاريخي في وعي الجماعة. في الخطابة يتحول التاريخ إلي أدب، والشخصيات إلي أبطال، والحوادث إلي نماذج، والعلم إلي أخلاق. إنما التحدي هو إيجاد طريق ثالث بين هذين النقيضين يقوم علي فلسفة في التاريخ تربط بين دراسة التاريخ والوعي بالتاريخ. فعلي أساس الوعي بالتاريخ تتم دراسة التاريخ. فدراسة الحركة الوطنية في عصر تتأزم فيه هذه الحركة يساعد علي حل الأزمة. ودراسة الحركة العمالية في عصر تخبو فيه هذه الحركة يساعد علي معرفة جذور الأزمة الممتدة عبر التاريخ. القصد من دراسة التاريخ ترسيخ الوعي بالتاريخ، وتحويل دراسة التاريخ إلي وعي بالتاريخ. الإنسان كائن تاريخي، ومعرفته بالعالم تصب في تاريخه. وإذا كان التاريخ هو الزمان فإن الإنسان وجود زماني، يصب زمان التاريخ فيه. وقد لاحظ فلاسفة التاريخ من قبل، هردر وكانط ولسنج وابن خلدون أن أعمار التاريخ هي مراحل العمر. التاريخ هو العمر الكبير، والإنسان هو التاريخ الصغير. الهدف من دراسة التاريخ هو تنمية الوعي التاريخي وتعميقه. دراسة التاريخ ليست غاية في ذاتها من أجل عمل أرشيف للتاريخ خارج الوعي القومي بل وسيلة لتعميق الوعي القومي ومده بخبرات تاريخية سابقة تساعده علي رؤية الحاضر ومكوناته التاريخية. لذلك يمكن دراسة التاريخ عن طريق قراءة الحاضر في الماضي. فالحاضر ما هو إلا تراكم للماضي.
وبالرغم من وقوع الحوادث في تعاقب الزمان Diachronism إلا أن هناك بنية للحوادث في المعية الزمانية Synchronism. الحاضر هو الذي ينير الماضي عن طريق اختيار الموضوعات واستنتاج النتائج. التجربة التاريخية الحية الحاضرة هي التي تنير التاريخ الوثائقي الحفائري النصي الميت. لا يعني ذلك مجرد إسقاط الحاضر علي الماضي بمعني التشويه وسوء، الغزو الاستعماري الأوروبي للاستيلاء علي الثروات المادية والبشرية ثم إيجاد المبررات الحضارية لذلك مثل تمدن الشعوب المختلفة. إنما يتم الربط بين الماضي والحاضر داخل الوعي القومي الواحد لتحقيق الاستمرارية في الشخصية التاريخية والكشف عنها ورصد مراحل تطورها ومسارها في التاريخ. وقد سمي برجسون ذلك "الحركة التراجعية للحقيقة" Le movement rétrograde du vrai أو ترائي الحاضر في الماضي Le mirage du Présent au Passé. ويمكن أيضا قراءة الماضي في الحاضر. فالماضي ما هو إلا مكون للحاضر، عودا علي بدء. ومادامت هناك بنية ثابتة في التاريخ فلا يهم أين تتم دراستها في الماضي أو الحاضر أو التنبؤ بها في المستقبل. ففي المجتمعات التاريخية مثل مجتمعات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مازال التاريخ حياً في وجدان الناس. وقد يكون الماضي أكثر حضورا في الحاضر من الحاضر نفسه. فالناس توجد بالتاريخ وتعيش في التاريخ إلي حد أن طغي الوعي التاريخي، باعتباره وعيا بالماضي، علي الوعي بالحاضر والوعي بالمستقبل. فنشأت فيها الحركات السلفية التي تدعو إلي العودة إلي الماضي باعتباره هو الطريق الوحيد للنهوض بالحاضر واللحاق بالمستقبل. فسقوط غرناطة يتراءي في احتلال القدس.
ولا تنفصل هاتان الحركتان، قراءة الحاضر في الماضي، وقراءة الماضي في الحاضر. فهما اتجاهان لحركة واحدة، الذهاب والإياب، سماها هوسرل المنهج التراجعي التقدمي Regressive- Progressive Methode. قراءة الحاضر في الماضي تجعل التجربة الحية أساسا لفهم النص التاريخي، وقراءة الماضي في الحاضر تكشف عن المكونات التاريخية في الحاضر. دراسة التاريخ تتم إذن في وعي المؤرخ الذي يتقابل فيه الماضي والحاضر. فلا يوجد تاريخ بلا مؤرخ، ولا يوجد مؤرخ بلا وعي تاريخي. لذلك كان الوعي بالتاريخ هو شرط دراسة التاريخ.
وعلي هذا النحو تتحقق وحدة شخصية المؤرخ بين دراسته للتاريخ ووعيه بالتاريخ، بين دوره كعالم ورسالته كمواطن. فلا يصبح علمه في جانب وحياته في جانب آخر، مهنته منفصلة عن رسالته. بل يغذي كل منهما الآخر، علمه يصب في حياته، وحياته تنير علمه. عندئذ تصبح دراسة التاريخ علم تحليل الوعي التاريخي.

ثانيا: لماذا غاب الوعي التاريخي في وجداننا المعاصر؟
تثيرالحالة الراهنة للوعي بالتاريخ ثلاثة تساؤلات: الأول، هل غاب الوعي التاريخي في وعينا المعاصر بالرغم من أننا شعوب تاريخية؟ والثاني، لماذا غاب الوعي التاريخي في تراثنا القديم، وهل هذا الغياب القديم هو المسؤول عن الغياب الحاضر؟ والثالث، لماذا لم تنشأ لدينا فلسفات في التاريخ تقوم علي مفهوم التقدم والمراحل، تعطي الأولوية للمستقبل علي الماضي؟
ومحاولة الإجابة علي السؤال الثاني: لماذا غاب الوعي التاريخي في تراثنا القديم قد تكون الإجابة علي السؤال الأول: هل غاب الوعي التاريخي في وعينا المعاصر نظرا لأن الحاضر ما هو إلا تراكم للماضي. فهل غاب الوعي التاريخي في تراثنا القديم ولماذا؟ ولما كان التراث القديم مجموعة من العلوم العقلية العلوم النقلية الخالصة والعلوم العقلية الخالصة كان السؤال: هل غاب الوعي التاريخي عن هذه العلوم ولماذا؟
لقد نشأت العلوم العقلية النقلية الأربعة عندنا، علم أصول الدين، وعلم أصول الفقه، وعلوم الحكمة وعلوم التصوف تكاد تكون خالية من الوعي بالتاريخ باعتباره تقدماً وحركة إلي الأمام وارتقاء وتكاملا يكون الحاضر فيه أكمل من الماضي، والمستقبل أزهر من الحاضر. ولما كانت هذه العلوم هي المكون الرئيسي لموروثنا الثقافي فقد غاب الوعي التاريخي عن وجداننا المعاصر بالرغم من أننا شعوب تاريخية وبالرغم مما مررنا به من أزمات العصر ومازلنا نمر، تهدد الوجود والكيان. ففي علم أصول الدين سادت العقائد الأشعرية بعد أن تبنتها الدولة، وأصبحت عقيدة الفرقة الناجية في مقابل عقائد المعارضة.
تعطي العقائد الأشعرية الأولوية للإرادة الإلهية علي الإرادة الإنسانية، في حياة الإنسان ونظام العالم ومسار التاريخ في صنع الأحداث فالإرادة الإلهية تسيطر علي حياة الإنسان من الحياة إلي الممات. لا يفعل الإنسان شيئا إلا إذا شاء الله. الأرزاق والأسعار، والفقر والغني بإرادة الله. ولا يكسب فعلا إلا إذا أعطاه الله القدرة علي ذلك. كما تسيطر الإرادة الإلهية علي جميع ظواهر الطبيعة التي تخرج عن سيطرة الإنسان. فالسهم لا يصل إلي الرمية إلا بإرادة الله. وقد يتوقف الحجر الساقط من أعلي إلي أسفل في الهواء إذا شاء الله. والإرادة الإلهية هي التي تحرك التاريخ وتقيم الدول وتقوضها. الله هو الذي يبعث المجتمعات ويقضي عليها. نجي نوح واهلك قومه. كما نجّي موسي ومن معه وأهلك فرعون. ونجيّ يونس في بطن الحوت وأهلك عاداً وثمود. ونجّي الكعبة وأهلك أصحاب الفيل. فلم يعد للإنسان فعل مستقل في مجتمعه أو في الطبيعة أو في التاريخ. الإنسان مجرد ظاهرة تخضع للفعل وليس عاملا فعالا. والوعي التاريخي لا ينشأ إلا إذا كان الإنسان خالق فعله، مؤولا عما يحدث في مجتمعه، وفعالا في التاريخ. وهو التصور الذي ساد في عقائد المعتزلة في الجمع بين التوحيد والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعند بعض الفرق في ضرورة التوحيد بين الإيمان والعمل والثورة علي الإمام، وعند آخرين في حتمية ظهور الإمام الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. وكان التاريخ في علم أصول الدين خارج عن العالم، أما تاريخ الوحي في النبوة، التاريخ الماضي أو تاريخ الإنسانية بعد البعث، تاريخ المستقبل. أما الحاضر فلا تاريخ له. ينهار التاريخ جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن اعتمادا علي بعض الأحاديث مثل "خير القرون قرني ثم الذي يلونه" أو "الخلافة من بعدي ثلاثون سنة تتحول بعدها إلي ملك عضود" أو سوء تأويل لبعض الآيات مثل ?فخلف من بعدهم خلف، أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات? أو بعض الأقوال المأثورة مثل "نعم السلف وبئس الخلف"، أو "ما ترك الأولون للآخرين شيئا". أصبح التطور يعني الانتقال من الإيمان إلي الكفر، ومن الكمال إلي النقص، ومن العلم إلي الجهل، ومن الفضيلة إلي الرذيلة، من العصر الذهبي إلي عصر الانهيار. ومن ثم كان التقدم بالضرورة عوداً إلي الماضي ولحاقاً بما فات. أصبح القديم، وليس الجديد، من أوصاف الذات. ولم يبق في موروثنا الثقافي ما حاولته الكرامية من قبل من جعلها الله محلاً للحوادث، ربطا بين الله والتاريخ كما هو الحال في فلسفة التاريخ في الغرب الحديث، هردر وفيكو وكانط ولسنج وهيجل. تلك دلالة قدم القرآن وحدوثه. فالقرآن قديم، كلام الله الأزلي يتجاوز الزمان والمكان. واستبعد القول بحدوث القرآن مع أنه نزل من العلم الإلهي في زمان ومكان علي فترات متتالية، مقروءا باللسان، محفوظا في الصدور، مفهوما بالعقول، مطبقا في المجتمعات.[/size][/color]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
{ :: التاريخ والوعي بالتاريخ :: }
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نمور الريف :: منتديات المرأة و الفكر العقلي و ثقافي :: منتدى التاريخ القديم-
انتقل الى: